نحن مجتمع يستورد أشياء كثيرة .. نستورد السلع المختلفة ونستورد التقنية ، ونستورد الأيدي العاملة.. لكن أغرب ما نستورده هو : المتسولون !! أجل ..
نحن نستورد المتسولين من مختلف أنحاء العالم!! وإذا كنا نستورد السلع والخدمات برغبة منا ، فإن المتسولين يصدرون أنفسهم إلينا بالرغم منا !! فنحن لا خيار لنا، وهم يأتون إلينا.. ثم يذوبون في مدن وقرى البلاد لعدة أشهر وأحياناً لعدة سنوات! وبعضهم يتليب.. أي يلبس الملابس الليبية ويتعلم اللهجة الليبية.. وخصوصاً النساء اللاتي يلبسن الفراشية الليبية ويتظاهرن بأنهن نساء ليبيات فقيرات ألقت بهن ظروفهن الصعبة في الشارع.. فما أن نرى هذه المناظر البائسة حتى تغمرنا الشفقة وتنهمر عطايانا دون أن نتردد أو أن نسأل أنفسنا عمن يكون هؤلاء المتسولون والمتسولات ولماذا يتركهم المجتمع بهذا الشكل المهين للكرامة الإنسانية وما هو دور الجهات المختصة!؟
إن مساعدة الفقراء ينبغي ألا تنطلق من نوازع تتعلق بجنسية الفقير وإنما من حب عمل الخير.. لكن هذا لا يعني أنه يتعين علينا أن نستورد الفقراء والمتسولين من الخارج.. فالتسول ظاهرة غير حضارية وينبغي مكافحتها حتى لو كان المتسولون هم من أبناء المجتمع نفسه ، لأن وجود المتسولين يشير إلى تقصير المجتمع تجاه أفراده.. أما أن يستورد المجتمع متسولين من الخارج فهذا عبء إضافي لا يقبل به أي مجتمع.. لكن الأمر لا يقتصر على هذا الجانب فقط ، فقد اكتشف الكثير من إخواننا على محض الصدفة أن العديد من هؤلاء المتسولين المستوردين هم في الحقيقة رجال أعمال ونساء أعمال .. أي أنهم ليسوا فقراء محتاجين وإنما جاؤوا إلينا بشكل مقصود ومخطط له.. هم ببساطة أناس يبحثون عن الثروة وقد اعترف بعضهم أنه يمتلك في بلده أملاك ، لكنهم يبحثون عن مكاسب سهلة مستغلين طيبة المحسنين!!
ولعل التسول المستورد ينتعش بسبب سلبية الناس ، وهو لن يتوقف عن طريق المكافحة الرسمية وحدها ، وإنما بتعاون أفراد المجتمع .. فطالما أن الناس يقدمون المساعدة لهؤلاء المتسولين ، فلن يتوقف التسول المستورد .. وإذا كنا نريد حماية مجتمعنا من هذه الآفة فلابد أن يمارس كل واحد منا دوره الاجتماعي وألا نكتفي بالشكوى فقط .
فظاهرة التسول تتكرر كل عام وبخاصة عندما يحل في ربوعنا شهر رمضان المبارك ، ومواسم الأعياد !.
ومع الأسف فكل جهود المكافحة تذهب أدراج الرياح لأن أعداد المتسولين تزداد والمؤلم أن ما يشكل أكثر من 90% غير ليبيين كما يلاحظ على أرض الواقع .
إن انتشار التسول له أبعاد أمنية على البيوت والشوارع والمساجد، كما أن فيه تشويهاً لصورة هذا الوطن وأبنائه أمام الآخرين، فضلاً عن أن كثيراً من هؤلاء المتسولين غير مستحقين، وقد سمعنا عن حالات لمتسولين كان في حوزتهم عشرات الآلاف من الدينارات عندما افتضح أمرهم ، ولكنه الطمع في قلوبهم وجيوبهم، واستسهال هذا الأمر، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (من فتح باب مسألة فتح الله عليه باباً من الفقر).
لكن السؤال: ما دورنا نحن كمواطنين في مكافحة التسول؟
أزعم أن دورنا كبير جداً فلو امتنعنا عن إعطاء هؤلاء المتسولين لكفوا عن التسول ولما رأيناهم بالمئات في المساجد والشوارع ولدى أبواب الناس .
أجل إن دورنا كبير في القضاء على هذه الظاهرة التي لها أخطارها الاجتماعية والأمنية.
إن هذه هي (الوصفة) - في تقديري - هي أنجع علاج للقضاء على (التسول) أو على الأقل الحدّ من هذه الظاهرة.
فهل نفعل ؟ .
الاثنين، 22 مارس 2010
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق