الأحد، 28 مارس 2010

نصرة النبي الصادق في الرد على إساءة الدنمارك

****************************************************
****************************************************
رســــالـــــة




نُصرَة النبي الصادق
في
الردِ على إساءةِ الدنمارك



تـــألـيــف
وجــدي عبـد اللطــيف سالم أبوراس


2008 م

---------------------------------------------------------------------------------

نصرة النبي الصادق في الرد على إساءة الدنمارك ( 5 )




بـســــم الله الرحـمــــن الرحـــيــم


الحمد لله المتفرد باسمه الأسمى ، المختص بالملك الأعز الأحمى ، الذي ليس دونه منتهى ، ولا وراءه مرمى ، الظاهر لا تخيلاً ولا وهما ، الباطن سبحانه تقدساً لا عدما ، وسع كل شيء رحمة وعلما ، وأسبغ على أوليائه نعمّاً عمّاً ، وبعث فيهم رسولاً من أنفسهم عرباً وعجماً ، وأزكاهم صلى الله عليه وسلم محتداً ومنمى ، وأرجحهم عقلاً وحلماً ، وأوفرهم علماً وفهماً ، وأقواهم يقيناً وعزماً ، وأشدهم بهم رأفةً ورُحمى ، وزكّاه روحاً وجسماً ، وحاشاه عيباً ووصماً ، وآتاه حكمةً وحُكماً ، وفتح به أعيناً عُمياً ، وقلوباً غُلفاً وآذاناً صُماً ، فآمن به وعزره ونصره من جعل الله له في مغنم السعادة قسماً ، وكذّب به وصدّ عن آياته من كتب الله عليه الشقاء حتماً ، فالقائل  :
 لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين 

ونصلي ونسلم بمحبة وإكبار ، وتعظيم وإجلال ، على سيد الأولين والآخرين ، سيدنا محمد ابن عبد الله ، رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن والاه .
أما بعد ،،،
إلا رسول الله  ، إلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ..

قُل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون ، لا تعتذروا قد كفرتم 
 إنَّ الذين يؤذون الله ورسوله لعنـهـم الله في الدنيا والآخرة وأعدَّ لهم عذاباً مُهيناً  ...
( 6 ) نصرة النبي الصادق في الرد على إساءة الدنمارك




يا من ملأتُم أقلامكم بنداءٍ نجسٍ قذرٍ عفن ..


فبملغ العلم فيه أنه بشرٌ وأنه خير خلق الله كلهم

آهٍ يا مسلمون . . يتطاول الأقزام على النبي الإمام ، وينال السفهاء من سيد الأنبياء ؛ إلى هذا الحد ! يُسيئون لسيدنا المصطفى  ، على مرآى ومسمعٍ من العالم المتحضر ، الذي قُدِّم لنا على أنه نموذج الحضارة وإكسير السعادة ، يُسيئون لسيد الكائنات  ، بدعوى حرية التعبير المزعومة .

واللهِ أنا أتحدَّى قزماً من هؤلاء ، أن يتطاول على قسيس أو على حاخام أو أحد الرهبان ! والذي يُدمِ القلب ، ويحزن النفس ، أن يتعاطف مع هذه التي يسمونها الدنمارك كل دول أوروبا بالأمس القريب ، بل وأمريكا التي تدعي أنها رائدة الحضارة الإنسانية في العصر الحديث ! . لماذا ؟ ..
لأنَّ المسلمين همجيون ، متطرفون ، أصوليون ، فوضيون ،لا يعيشون إلا في عصور الظلام ، لا يعيشون عصور الديمقراطية المشؤومة ، ولا يعرفون حرية التعبير المزعومة لمجرد أنهم قاموا على قلب رجل محب واحد للحبيب ، ليعلنوا عن غضبهم لحبيبهم ونبيهم ؛ بل وتُهدِّدُ أمريكا ، بقطع المعونات عن الدول الإسلامية .

وبكلِّ بجاحة خرج علينا الكافر الحقود بوش رئيس أمريكا السابق ليهدِّد بوقاحة ويقول : على العالم الإسلامي أن يحترم نفسه ويحترم حقوق الدبلوماسيين !


نصرة النبي الصادق في الرد على إساءة الدنمارك ( 7 )



أرأيتم يا مسلمون ! .. إنه سياسة الكيل بمكيال واحد ، ولا تصدِّقوا من يقول سياسة الكيل بمكيالين ، إنها سياسة الكيل بمكيال واحد ، إنها سياسة العداء لسيد الكائنات  ، والعداء للإسلام .

فلماذا لم يوجَّه هذا للدنمارك ؟ .. لماذا يا إخوة ؟ .. لأنَّ الكفرَ ملةٌ واحدة .
فو الله الذي لا إله إلا هو ؛ لن ينصر الكفر توحيداً ولا إيماناً قط ! .



في زمن الردة والبهتان ارسم واكتب
ما شـــئت ولا تخجـــــل فالكفــــــــر مباح يا فنان
فزمان الردة نعرفه ، بلا نكــــــــــــــران
إن ضلّ القلب فلا تعجب أن يسكن فيه الشيطان
أســــــــــــــألك بربك يا فنـــــــــــــــــــــان
هل تجرؤ أن تكســـــــر يوما ً أحــد الصــلبــــــــــان
خـــــــبرنـــــي يوماً يا فنـــــــــــــــــــــــــان
حين تفيق من الهذيان ، هل هذا حق الإنســــــــان ؟
أن تشـــــعل حقدك بالإســــــــــــــــــــــلام
أن تشعل نارك في القرآن ، أن تسخر بحبيب الرحمن !
قم واسفر بين الأوثان ، فمحمد باق ما بقيت دنيا الرحمن
وسيعلو قول الله في كل زمـــــــــان ومكـــــــان


وأنا أسأل الآن ؛ من المتطرف ، ومن الإرهابي الآن ؟ حين يُساء لنبينا ونُعبِّر ؟ .. نُتَّهم بالتطرف !!

( 8 ) نصرة النبي الصادق في الرد على إساءة الدنمارك



ولكنني أقول : إن تخلَّى أهلُ الأرضِ عن سيدنا رسول الله  ، فإن ربَّهُ الذي بعثه وتولاه ، لن يتخلَّى عنه أبداً ، فلا تتخلّوا أيها المسلمون عن من لن يتخلَّى عنه الله ، حتى لا يتخلَّى عنكم ربكم تبارك وتعالى
لابدَّ أن تتضافر الآن للجهود ، للذبِّ عن الحبيب المحبوب .

فلا إن نال الأقزام من قمة القمم ، ومن ذرة تاج الجنس البشري كله ، فلن يستطيعوا أبداً أن يصلوا إلى هذه السماء العالية ، وإلاّ فهل تصل إلى السماء يدٌ شلاّ !
 يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون 
 هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون 

فالذي سيتولى الدفاع كما دافع عن سيدنا المصطفى  قبل ذلك هو الله 
القائل سبحانه :  والله يعصمك من الناس  ،
والقائل سبحانه :  إنا كفيناك المستهزئين  .

فما تطاول بشرٌ على سيد البشر ، إلاّ واقتصّ الله منه لحبيبه في الدنيا قبل الآخرة ؛
أُعلِنُها بملءِ فمي ، في الدنيا قبل الآخرة ، سيقتصّ الله لحبيبه المصطفى  في الدنيا قبل الآخرة ، هذا وعد الله جل جلاله ؛ فقدر سيدنا المصطفى  عند ربنا كبير ، ومكانته عنده عظيمة .



نصرة النبي الصادق في الرد على إساءة الدنمارك ( 9 )



روى البخاري ومسلم من حديث أنس رضى الله عنه :
" أن رجلاً نصرانياً على عهد النبي  أسلم وقرأ سورة البقرة وسورة أل عمران ، وكان يكتب للنبي  ، ثم تنصّر مرة أخرى وقال ما كان محمد يعرف إلاّ ما أكتبه له ، فأماته الله ، فدفنه أصحابه ، فأصبحوا وقد لفظته الأرض ، أي وجدوا جثته على سطح الأرض ، كرهته الأرض ولم تقبله في بطنها ، فقالوا هذا فعل محمد وأصحابه ، فأعمقوا له في الأرض ما استطاعوا ، فأصبحوا وقد لفظته الأرض ، فعرفوا أنه ليس من فعل إنسان ، في لفظ مسلم : فتركوه منبوذاً " .
نعم منبوذٌ في الدنيا والآخرة كلُ من نال سيدنا رسول الله  .
نعم أن الله تبارك وتعالى يتولى الدفاع عن حبيبه المصطفى ، لكن ليس معنى هذا أن يتخلى المسلمون عن نصرته .

فقد قال تعالى :  هو الذي أيّدك بنصره وبالمؤمنين  .
وقال تعالى :  إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنوا في الدنيا والآخرة وأعدّ الله لهم عذاباً مُهيناً  .
فكل من آذى المصطفى ملعون ، وكل مؤمن صادق مأمور بنصرة نبيه  .
أيها المسلمون ...

إننا نشهد الآن حرباً على هذه العقيدة الطاهرة ، لكنها حرب من نوع خبيث جديد ، إنها حرب فكرية ثقافية عقدية .
إن المجرمين يعلمون الآن ، أن أخطر وسائل محاربة هذه العقيدة ، هى الحرب الفكرية الإعلامية ، فهم يشنون الآن حرباً هوجاء ، لا على الفرعيات و الجزئيات ، بل على الثوابت والأصول والأركان والكليات .
( 10 ) نصرة النبي الصادق في الرد على إساءة الدنمارك



وأستطيعُ أن أُبيّن في نقاط محددة الخطوات الخبيثة والمراحل الخطيرة لهذا المنهج المدروس ولهذا المخطط الخبيث : _

أولاً : بدأوا هذا المخطط الخبيث بإعلان الحرب على النص ، مع التضخيم المستمر والمتعمد للعقل ، حتى جعلوا العقل إلهاً يعبد من دون الله جل جلاله ، ليسقطوا بالعقلانية المزعومة قدسية النصوص ، ولو كانت النصوص ثابتة في القرآن والسُنة ؛ بل أعلنوا ذلك صراحةً فقالوا : " لابدّ من إلغاء القاعدة المتفق عليها والتي تقول : ( لا اجتهاد مع النص ) ، لأن هذه القاعدة شكّلت حجر عثرة على العقل البشري الذي أبدع في عصر الألفية الثالثة أو أواخر العصر المنصرم .

لقد أبدع العقل إبداعاً ، فجّر الذرة ، وغاص في أعماق البحار ، وانطلق في أجواء الفضاء ، وحوّل العالم كله إلى قرية صغيرة عن طريق هذا التكنيك المذهل في عالم الاتصالات والمواصلات .

فهذا العقل لا ينبغي أن يُقال له لا اجتهاد مع النص ، بل يجب على هذا العقل المبدع أن يجتهد مع النص ، ولو كان النص ثابتاً في القرآن أو في سُنة النبي المختار  .
وأنا أقول .. لا ينبغي أن يفهم العلمانيون المجرمون أننا نريد أن نسقط مكانة العقل ، كلا كلا ، بل إن نور الوحي لا يطمس نور العقل أبداً ، بل يبارك نورُ الوحي نورَ العقل ، ويزكي الوحي العقل ويحتفي به أيُما احتفاء ، ويُلفت القرآن الأنظار إلى مكانة العقل والتعقل والتدبر في آيات كثيرة ،  أفلا يعقلون  ، أفلا يتدبرون  ،  قل سيروا في الأرض فانظروا ،  إنَّ في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنّهار لآيات لأولي الألباب  آياتٌ وآيات .
نصرة النبي الصادق في الرد على إساءة الدنمارك ( 11 )




لكن ليس معنى ذلك ، أن يصبح العقل حاكماً على النص القُرآني والنبوي ، إيتوني بعقل يتعرف على ذات الله  ، وعلى أسماءه الحُسنى وصفاته العُلى ، وعلى أركان ديننا وأصول إسلامنا دون أن يرجع إلى النقل " النص القُرآني والنبوي " ؛

ورحم الله ابن القيّم إذ يقول :

لا يستقل العقل دون هداية الوحي تأصيلاً ولا تفصيلاً
كالطرف دون النور ليس بمدرك يراه بُكرة ً وأصيلاً
نور النبوة مثل نور الشمس للعين البصيرة فاتّخذه دليلاً
فإذا النبوة لم ينلك ضياءها فالعقل لا يهديك قطُّ سبيلاً
طرق الهُدى محدودةٌ إلاّ على من أمّ هذا الوحي والتنزيلَ
فإذا عدلت عن الطريق تعمُدا ، فاعلم بأنك ما أردت وصولا
يا طالباً درك الهُدى بالعقل دون النقل لن تلقى لذاك دليلا


أصبح العقل إلهاً يُعبد من دون الله ، مع التقليل والتصغير والتحقير من شأن النص ولو كان ثابتاً في القرآن والسُنة .
وبالرغم من هذا لم يفلحوا ، فإنهم يكيدون كيداً ، والله يكيد لهم كيداً ويمهلهم رويداً

ثم تجاوزوا هذه المرحلة الأولى من مراحل هذا المخطط الخبيث إلى المرحلة الثانية ألا وهى : التشكيك في من نقل إلينا النص دون أدنى خجل ولا وجل ؛
فهم يتطاولون على القمم ، فيسبّون الصحابة علناً دون أدنى خجلٍ ولا وجل ،
والله تعالى يُزكي الصحابة فيقول :  والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتّبعوهم بإحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه وأعدّ لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم  .
(12) نصرة النبي الصادق في الرد على إساءة الدنمارك



وقال سيدنا المصطفى  كما في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري  : ( لا تسبّوا أصحابي ، فو الذي نفس محمد بيده ، لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفة ) .
وبالرغم من ذلك لم يفلحوا ، فإنهم يكيدون كيداً ، والله يكيد لهم كيداً ويمهلهم رويداً

ثم تجاوزوا هذه المرحلة الثانية إلى المرحلة الثالثة ، ألا وهى مرحلة الطعن المباشر ، والتشكيك في سُنّة سيدنا النبي عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام .
نعم شكّكوا في السُنة ، بدعوى أن فيها الضعيف والموضوع ، وبدعوى أن السُنة تحوي من الأحاديث ما يصطدم اصطداماً مباشراً مع النظريات العلمية المعاصرة الحديثة ، وزعموا أن القرآن وحده يكفي ، وهم يعلمون علم اليقين أنهم بذلك يريدون بعد هذه المرحلة كما سأُبيّن ، يريدون بإسقاط السُنّة أن يسقطوا القرآن ، لأن القرآن لا يمكن بحال أن يُفهم بعيداً عن سُنّة سيد الرجال  ..
ورحم الله من قال ألا وهو الإمام الأوزاعي العلم : ( القرآن أحوج إلى السُنّة ، من السُنّة إلى القرآن ) .. ولما لا ؟ وقد قال الله تبارك وتعالى : وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب  .
وبالرغم من هذا أيضاً لم يفلحوا ، بل أثبت الله فشلهم .

ثم انتقلوا إلى المرحلة الرابعة ، ألا وهى مرحلة الطعن في القرآن ، نعم في القرآن الكريم ، للطعن في عقيدة التوحيد والموحدين ، في الوقت الذي تشن فيه الحرب على الأطهار بصورة هوجاء ، إنها حرب إسقاط رموز هذه الأمة أيها الأخيار الأبرار .
لماذا ؟ .. إنه التحالف مع الشيطان أيها الموحدون المؤمنون !
واللهِ وأقسمُ بالله غير حانت أيها المسلمون ، واللهِ ما سبَّ إبليس رب العزة ؛
نصرة النبي الصادق في الرد على إساءة الدنمارك ( 13 )



من قال ؟ كما قال الكبير المتعال حكايةً عن إبليس الملعون الرجيم ، ماذا قال الشيطان ؟ قال الله تعالى حكايةً عنه :  كمثل الشيطان إذ قال للإنسـان اكفر . فلمّا كفر قال إني بريءٌ منك إني أخاف اللهَ ربَّ العالمين  .

وتدبر معي قول رب العالمين حكاية عن إبليس اللعين :  وقال الشيطان لمّا قُضى الأمر إنَّ اللهَ وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلاّ أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيّ إني كفرت بما أشركتمونِ من قبل إنَّ الظالمين لهم عذابٌ أليم  .
واللهِ ما سبَّ إبليس رب العالمين ، وما سبَّ إبليس أحداً من المرسلين ، كلا ورب الكعبة ، هؤلاء ألعن من إبليس ، فهؤلاء الأبالسة الذي يتعلم اليوم منهم إبليس اللعين هم ألعن منه وأوقح منه .

فلنعرِّف الدنيا كلَّها عظمة رسول الله ومكانة رسول الله وأخلاق رسول الله  ..
فيجب وجوباً على كل مسلم ومسلمة اليوم ، أن يبين عظمة سيدنا رسول الله الآن على أرض الواقع ، وأن يذكِّر الأمة بحرمة سيدنا رسول  .

أيها المسلمون .. أيها الشباب ..


نُصرَةُ النبي ليست حماساً فوَّاراً مؤقتاً ، فقلوبنا تنزف مع كل أزمة تمر بها الأمة ، تهيج الأمة وتصرخ وتهتف بحناجر ملتهبة غاضبة ؛ وهذا شعورٌ لا أقللُّ من شأنه ولا ينبغي لأي حاقدٍ أن يقللَّ من المشاعر الفياضة الجياشة التي يجسّد بها الصادقون حبهم لرسول الله  .
( 14 ) نصرة النبي الصادق في الرد على إساءة الدنمارك




لكنَّ الذي يُدمِ القلب ، ويُحزن النفس ، أن تتوقف هذه المشاعر وأن تتجمد بعد شهرٍ أو شهرين ، كما هو واقع ، ويتناسى كثير من المسلمين الحدث وكأنَّ شيئاً لم يكن ، وهذا أمر متكرر .
فيجب أن نقيم حداً لهؤلاء المهازيل من البشر ، فلا من الأدب مع سيدنا رسول  ، بل وحتى مع أنفسنا أن نقف مكتوفي الأيادي .

لذا فأنا أقول : النصرة الحقيقية لسيدنا رسول الله  في عدة نقاط محددة :

أولاً : المقاطعة الفكرية أيها الشاب المسلم ، فالشرق والغرب الآن يسبُّ نبيك أيها الشاب المسلم ، يسبُّك أنت ، فكيف تقلِّد هذا الغرب ، كيف تقلِّد الشاب الغربي في قصة شعره ، وفي ملبسه ، وفي سلسلة في رقبته ، وأخطر من هذا في فكرك وهويتك ، فكيف تعتزُّ به .

ثانياً : المقاطعة الاقتصادية التي تناسيناها ، ويجب أن تكون لكل البضائع الغربية بلا استثناء ، وأولها بضائع الدنمارك ، ثم هولندا وألمانيا وأمريكا وإسرائيل ، على قدر حبك للمصطفى  على قدر مقاطعتك لبضائعهم فقس أنت على ذلك ، وهنا يكمن حبك لنبيك ، فهيا برهن حبك الذي تزعم .
فأقلَّ ما تستطيع عمله هو أن تقاطع بضائع من يحاربونك ، من يحاربون نبيك ويحاربون الإسلام والمسلمين ...
هيّا من الآن .. دقق الفحص وأمعن النظر في كل ما تشتريه من البضائع ، قبل أن تشتري دقق من أين جاءت هذه البضاعة ، ولتكن عادة ، ولتعلّمها أحبابك ، حتى يعلم الغرب الحاقد قدر رسول الله عندنا .
نصرة النبي الصادق في الرد على إساءة الدنمارك ( 15 )



فهذه مسؤوليتكم أيها المسلمون ، وهذا دور كل واحد منكم ، ولا ينبغي أن يدّعي أحدٌ منا أنه لا دور له ولا مسؤولية يتحملها ، بل أنت مسؤول أمام الله جل وعلا ، فاتقي الله على قدر استطاعتك ، واتقوا الله ما استطعتم ، والله  سيجعل في هذا الجهد ولو كان ضئيلاً الخير بإذن الله عز وجل ، ووعد الله قائم ينتظر العُصبة المؤمنة التي تقوم وتعلو لمستوى هذا الدين .

فنحن جميعاً نعلم عجز الأمة ، وضعف الأمة ، لكننا نودُّ أن تأخذ الأمة هذه المحنة لتكون منحة ، ولن يكون ذلك بالصياح ولا بالصراخ ولا بالعويل ولا بحرق الأعلام ؛
إنما لن يكون ذلك إلاّ إذا خطونا الخطوة الصحيحة العملية الأولى على الطريق ألا وهى : أن نثق في ربنا جلا وعلا ، وأن نجدد إيماننا وتوكلنا واعتمادنا عليه .

فالذي يُدمِ القلب أن الأمة لا تزال تنتظر لقمتها من يد عدوها ، كيف تكون كلمتنا من رأسنا ، إن لم تكن لقمتنا من فأسنا ..

ثالثاً : ماذا علىَّ أنا ؟ لا تحدّثني بما لا أملك الآن ، فلسنا في حاجة إلى أن تحمِّلنا هموماً فوق الهموم ، وألماً فوق الألم ، ماذا أفعلُ أنا ؟ ...

يجب عليك ابتداءاً أيها المسلم أمام هذه الحرب المسعورة المعلنة على الإسلام بثوابته ، أن تُحصِّن نفسك بالإيمان والعلم الشرعي ، فالإيمان الآن سفينة نوح وسط هذه الأمواج المتلاطمة ، إن لم تركب هذه السفينة ستهلك ، فبكل خطوة تخطوها تجاه الله تبارك وتعالى تقرّب بها أُمتك للنصر خطوة .

رابعاً : كيف نحب رسول الله  ونحن لا نعرفه ؟ .. سؤال والله مخجل ! .
فلنتعرف علي أعظم شخصية عرفتها الأرض ، فلنقرأ سيرته العطرة ، حتى نحبه ، فلنعلّم أبناءنا حبيب قلوبنا ؛ فرسول الله يا إخوة منهج رباني متكامل ..
( 16 ) نصرة النبي الصادق في الرد على إساءة الدنمارك



فلا يدري لحقيقته  غاية ، ولا يعلم لها نهاية ، فهو من الغيب الذي نؤمن به ..
فهو غيب في شهادة ، وحق في خلق ، ونور في بشر ، ومعني في حس ، وإطلاق في تقييد ، ومنزه في تشبيه ، فهو المثل الأعلى ، والسر الأجلى ، بشريته غيبية ، وكثرته أحدية ، وخلقته حقية .
ولله درُّ البوصيري حيث قال : _

وكيف يُدركُ في الدنيا حقيقته قومٌ نيامٌ تسلُّوا عنه بالحُلُم

ولمّا أراد الله جلّ جلاله ولا رادّ لإرادته ، أن يبرز أو أن يُبيّن للبشرية حقيقة المنهج الرباني ، بعث الله الحبيب النبي ، ليجسد المصطفى هذا المنهج في حياة الناس .
رأى الناس الطُهر في سيدنا المصطفى ، ورأى الناس الصدق والأمانة والعفة والخُلُق والأدب والرجولة ، فقد عارفت البشرية كل معاني الأخلاق في شخص من علا كل الأخلاق ، حتى شهد الله له بقوله : وإنك لعلى خلق عظيم  صلى الله عليه وسلم

قال الإمام العلاّمة الماوردي رحمه الله في كتابه " من أعلام النبوة " :
" آيات المَلِكِ باهرة ، وشواهد النبوة ظاهرة ، تشهد مباديها بالعواقب ، فلا يلتبس فيها كذب بصدق ، ولا منحل بحق ، وبحسب قوتها وانتشارها ، يكون بشائرها وإنذارها " .

فوالله ما نقض عهد مع كافر قط ، والله ما خان من خانه من المشركين قط ، بل وفّى حين نقضوا العهود ، وصدق حين كذبوا .

نصرة النبي الصادق في الرد على إساءة الدنمارك ( 17 )



ومن أروع ما سنقف عليه الآن ما رواه مسلم من حديث حذيفة بن اليمان رضى الله عنه
قال حذيفة : ما منعني أن أشهد بدراً أنا وأبي حسين إلاّ أن المشركين أخذونا وقالوا أتريدون محمداً ؟ ، قال : حذيفة قلت لا ، قال حذيفة : فأخذ المشركون علينا عهد الله وميثاقه أن ننصرف إلى المدينة وأن لا نشارك رسول الله في قتال ، قال فمررت على النبي وأخبرته بما كان من عهد مني للمشركين ، " إقرأ معي ماذا قال سيدنا النبي الأمين " ، قال الحبيب النبي  : ( إنصرفا ، نفي للمشركين بعهدهم ، ونستعين الله عليهم ) .. الله أكبر .. هذا سيدنا محمد ، هذا المصطفى ..
أيها الغرب الكافر ، ويا أيها الشرق الملحد .
( وددت لو تُرجم هذا الحديث بلغة الغرب ) .

خامساً : لا تكون النُصرة إلاّ باتِّباعه والتخلق بأخلاقه ، فكيف تدّعي أنك تنصر رسول الله ولم تتخلق بعد بأخلاقه ؟ وأنت مضيّع للصلوات ؛ وأنت سيء الأخلاق والآداب ؛ كيف ننصر سيدنا رسول الله  ونحن نأكل الربا ، ونحن نعاقر الزنا ، ونحن نأكل أموال اليتامى ، ونحن نؤذي الجيران والناس ، ونحن نهدر المال العام ونرى أنه لا صاحب له ؟ .

وأخيراً أيها الأخيار الكرام : مع كل هذا فأنا أقول .. إنها زوبعة في فنجان ، فكل الحرب المعلنة علي سيدنا رسول الله  ، شأنها كشأن ذُبابة حقيرة تافهة سقطت تلك الذبابة الحقيرة على نخلة تمر عملاقة ، ولمّا أرادت الذبابة الحقيرة أن تطير وتنصرف قالت لنخلة التمر العملاقة ، تماسكي أيتها النخلة لأني راحلةٌ عنك ، فردّت عليها نخلة التمر العملاقة وقالت : إنصرفي أيتها الذبابة الحقيرة ، فهل شعُرتُ بكِ حينما سقطتِ علىّ لأستعِدَّ لكِ وأنت راحِلةٌ عني ! .
( 18 ) نصرة النبي الصادق في الرد على إساءة الدنمارك



فهل نحب رسول الله حقاً ؟ .. سؤال مرير بمرارة بُعدنا عن الله تبارك وتعالى !
فليسأل كل واحد منا الآن نفسه ، هل يُحِبُّ رسولَ الله  ، حُبَّاً يفوق حبه لزوجه وولده ونفسه التي بين جنبيه ، سيتضح لكل واحد منا صدقه في هذه الدعوة ؛ فما أيسر الادعاء ، وما أسهل الزعم والتنظير والكلام .
ولو نظرنا إلى واقع سلفنا رضوان الله عليهم ، لتبين لنا أن الفارق كبير وكبير بين صدقهم في حبهم لسيدنا النبي  ، وبين زعمنا نحن في حبنا لنبينا  .


فتدبروا معي أيها الأفاضل الكرام هذه المشاهد الرقراقة من مشاهد الحب الصادق
فهذه رسالة من عروة ابن مسعود أحد رؤوس الكفر ، إلى أولئك المساكين الذين يُنكرون على الأمة تعظيم سيدنا رسول الله  ، بل هى رسالة خالدة إلى الأمة كلها فليسمعوا هذه الشهادة الواضحة ..

هذا عروة بن مسعود وحديثه في البخاري ، لما ذهب إلى النبي يوم الحديبية ورأى الحب الصادق من الصحابة لرسول الله  ، عاد عروة إلى قومه ليقول :
يا قوم ، والله لقد وفدتُ على الملوك ، وفدت على قيصر وكسرى والنجاشي ، ما رأيت أحداً يعظمه أصحابه كما رأيت أصحاب محمدٍ يعظمون محمداً ، واللهِ ما تنخّم محمدٌ نخامة ، إلاّ وقعت في كفِّ رجل منهم ، فدّلك بها وجهه وجِلده ، وإذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوءه ، ولا ينظر أحدهم إليه إجلالاً له  .
فقد يستكثر هذا قلوبٌ مغلقة لم تعرف ولم تذق طعم الحب ، ولو عدتم إلى الوراء قليلاً لوجدتم من العاشقين من فعل ما يفوق ذلك ، لو قرأتم شعر العاشقين وشعر المحبين لوجدتم العجب العجاب ، ولكن قلوباً مُغلقة جامدة جافة ، قد لا تستوعب مثل هذا الحب الرقراق ، لأنها ما ذاقت ولا عرفت .
نصرة النبي الصادق في الرد على إساءة الدنمارك ( 19 )



وهذا طفلٌ مبارك ، بل هذان طفلان مباركان ، من أبناء أصحاب سيدنا النبي  ، يعلّمنا الأطفال كيفية حب سيد الرجال ، والحديث في الصحيحين من حديث عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه ؛
قال عبد الرحمن بن عوف : " بينما أنا واقفٌ في الصف يوم بدر ، إذ التفتُّ فإذا عن يميني وشمالي فتيان حديثا السن ، فلم آمن على نفسي بمكانهما ، وإذ بأحدهما يغمزني سراً من صاحبه : يا عم يا عم ،هل تعرف أبا جهل ، قال عبد الرحمن : وماذا تريد من أبي جهل يا ابن أخي ، قال الغلام المبارك : سمعت أنه يسبُّ رسول الله  ، ولقد عاهدت الله إن رأيت أبا جهل أن أقتله أو أموت دونه ، أو أن يفارق ثوابي ثوابه ، حتى يموت الأعجل منا ، قال عبد الرحمن : وإذ بالآخر يغمزني سراً من صاحبه : يا عم يا عم ، هل تعرف أبا جهل ، قال وما تريد أنت الآخر بأبي جهل يا ابن أخي ، قال سمعت أنه يسبُّ رسول الله  ، ولقد عاهدت الله إن رأيت أبا جهل أن أقتله أو أموت دونه ، أو أن يفارق ثوابي ثوابه حتى يموت الأعجل منا ، قال عبد الرحمن : فوالله ما سرني أن أكون بين رجلين مكانهما ، فالتفتّ فرأيت أبا جهل يجول في الناس فقلت لهما أنظرا ، هل تريان هذا ، قالا نعم ، قال هذا صاحبكما الذي تسألان عنه ، قال عبد الرحمن : فانقضّا عليه كالصقرين فقتلاه ، وأسرع كل واحد منهما إلى حبيبه رسول الله  ، ليقول يا رسول الله قتلت أبا جهل ، والآخر يقول لا أنا الذي قتلته ، لأنهما يعلمان أنهما بهذا الخبر سيدخلان السعادة والفرح علي قلب الحبيب سيدنا محمد  ، فقال لهما سيدنا المصطفى  : ( هل مسحتما سيفيكما ، قالا : لا ، فأخذ النبي السيفين ، فنظر فيهما فوجد أثر الدم على السيفين معاً ، فالتفت إليهما المعلم المربي وقال : كلاكما قتله ) .


( 20 ) نصرة النبي الصادق في الرد على إساءة الدنمارك



أيها الأفاضل ..
أيُّ حبٍّ هذا ، وهل في لغة البشر ما يستطيع بليغ أديب أن يعبّر به عن هذا الحب الصادق الرقراق من طفلين صغيرين ، يضربا مثلاً للأمة بكاملها عن صدق دعواهما ، بل سأدعُ المشهد يتألق سمواً وروعة وجلالا .

أيها المسلمون ..
لو توقفت مع مشاهد الحب الرائق ، من أصحاب سيدنا النبي  من سيدنا رسول الله  ، لاحتجتُ ورب الكعبة إلى مجلدات لا إلى صفحة واحدة ؛
لكنني تعمّدتُ أن أُعطّر هذه الرسالة بهذه المشاهد الرائقة ، لا لمجرد الثقافة الذهنية ، وإنما لنعلم أنّ السر الحقيقي في تأخر الأمة ، هو في عدم محبتها لنبيها عليه الصلاة والسلام .

لذا فيجب علينا وجوباً نصرته والذب عن مكانته والتعلق به ظاهراً وباطناً ، ويبدأ بذلك من : تصديقه على الرسالة ، والإيمان بجميع ما جاء به ، وطاعته في نهيه وأمره ، ونصرته حياً وميتاً ، ومعاداة من عاداه معاداة عملية على أرض الواقع كالمقاطعة الفكرية والاقتصادية مقاطعة كاملة جادة ، وموالاة من والاه ، وإعظام حقه ، وتوقيره ، وإحياء طريقته وسنته ، وبث دعوته ، ونشر سنته ، ونفي التهمة عنها ، ونشر علومها ، والنفقة في معانيها ، والدعاء إليها ، والتلطف في تعلمها وإعظامها وإجلالها ، والتأدب عند قراءتها ، والإمساك عن الكلام فيها بغير علم ، وإجلال أهلها لانتسابهم إليها ، والتحلي بأخلاقه ، والتأدب بآدابه ، والتمسك بتعظيمه وإجلاله ، ومحبة أهل بيته وأصحابه ، ومجانبة من ابتدع في سنته ، ومن التعرض لأحد من أصحابه ، ونحو ذلك من الذوقيات العالية التي غابت عن كثير من المسلمين إلا من رحم الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
نصرة النبي الصادق في الرد على إساءة الدنمارك ( 21 )



ولا يقف الحال علي ذلك - أخي الكريم هداك الله لها - بل يستمر إلي معاونة المسلمين عليها وعلي إعظام حقه وتوقيره ، وطاعتهم فيه ، وأمرهم به ، وتذكيرهم له برفق وتلطف ، وإعلامهم بما غفلوا عنه ولم يبلغهم من حقه ، وتأليف قلوبهم لطاعته ، وترك الخروج عليه .

ومن مقتضيات نصرته  .. بكل وسائله أدباً واجباً وذوقياً ؛
فمن الأدب أن نعظمه ونجله ، لأنه أعظم من تجب من بين الخلق حرمته ومحبته وتبجيله وتوقيره .
ومن الأدب أن نكثر من الصلاة والسلام عليه  .. وخاصة حينما يذكر اسمه الشريف عندنا .
ومن الأدب أن نلتفت بذواتنا ونصغي بآذاننا إلى من يذكره ونترك ما يشغلنا عنه في الحال تأدباً معه .
ومن الأدب أن نضعه عليه الصلاة والسلام نصب أعيننا .. في كل وقت وحين .
ومن الأدب أن نفهّم بعضنا ما واجبات الخلق نحوه .. وما يلزمنا الأدب معه .
ومن الأدب أن نربي أبناءنا على محبته ، وتدريسهم سيرته ، وتبجيل مكانته ورفعته .
ومن الأدب تعظيمه  وإقرار الأخر بذلك .. ووقوفه علي ذلك وتسليمه .
ومن الأدب أن ندافع عنه ما استطعنا إلي ذلك سبيلاً ..
ومن الأدب أن نسعد ونفرح بكل من يدعو إليه وإلى سنته ويحي طريقته ويعظم حرمته .
ومن الأدب أن نوقِّر ونجلّ كل من يعظم مكانته ويجلّ حرمته .

* * *

( 22 ) نصرة النبي الصادق في الرد على إساءة الدنمارك



أيها المسلمون ..

نصرتكم لنبيكم هى في حبكم الصادق له  ، في اتباع سُنّته والزود عنها ، فلينظر
كل واحد منا لنفسه ، أنظر لأوامر النبي القولية ، ولسنة النبي الفعلية والعملية ، ولسنة
النبي التقريرية ، أين أنت من قولٍ وعملٍ وتقرير .

فنحن الآن في حاجة ماسة إلى المدافعين عن السُنّة لا بالأقوال فحسب ، بل بالقول والمظهر والقلب والعمل ، لأننا نعيش الآن عصراً كما أصلّت ، نعيش عصراً أُعلنت فيه الحرب الضروس على سيد الكائنات وعلى سُنّته ، وعلى المتّبعين ،
فما أحوج الأمة اليوم إلى من يُحوِّلون السُنّة إلى واقع عملي يتألّق سمواً وروعة وجلالا .

فما أحوج الأمة اليوم ، بعلماء ها وحُكّامها ورجالها ونساءها ، إلي رسول الله  ، لتطبق سنته تطبيقاً عملياً على أرض الواقع ، إذ لا عزة لها ولا كرامة إلاّ إذا عادت من جديد ، لأثر النبي الأمين سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم .

واسمحوا لي أيها الأفاضل أن أختم رسالتي هذه بعلامة لعلامات الحب الصادق لسيدنا رسول الله  ، قد يغفل عنها كثير منا لا سيما في مجالس الخير ، ألا وهو الصلاة والسلام علي سيدنا النبي  .

ترى البُخل حتى في مجالس العلم والذكر ، فقد يبخل كثير من الحضور إذا سمع اسم النبي أن يُصلي عليه ، والنبي  يقول : ( ويلٌ لمن لا يراني يوم القيامة ،

نصرة النبي الصادق في الرد على إساءة الدنمارك ( 23 )



فقالت السيدة عائشة  : ومن لا يراك يا رسول الله ، قال : البخيل ، قالت : ومن البخيل ، قال : الذي لا يُصلي علىّ إذا سمع باسمي ) .
فاللهم ربنا صل وسلم وبارك عليه صلاة ترفعنا بها عندك أعلى الدرجات وعلى آله وصحبه أجمعين .

تمت الرسالة بعون الله المعين القدير ، واللهَ الكريم أسأل أن يتقبل مني هذا العمل بعفوه وكرمه ، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم ، كما أسأل الله بها نُصرةً لسيدي ومولاي محمد رسول الله  ،إنه ولى ذلك والقادر عليه .
القائل سبحانه  هو الذي أيّدك بنصره وبالمؤمنين  .

اللهم صلِّ وسلِّم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ، و ارزقنا حبه وحب كل من يحبه ، اللهم احشـرنا معه بحـبنا له ، وارزقنا الصـدق في حبـك وحـب نبيــك وحـب من أحبك وحب كل عمل يقربنا إلى حبك .


اللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته ، ورسولاً عن دعوته ورسالته
،و احشرنا ربنا في زمرته ، وأدخلنا جنته .
اللهم صل وسلم وزد وبارك على هذا السيد النبي الكريم محمد ابن عبد الله ، وعلى آله وأصحابه
وأتباعه ، وعلى كل من اهتدى بهديه واقتفى أثره واستنّ بسنته إلى يوم الدين
والحمد لله رب العالمين . .

* * *
إضافة جديدة
يتعرض الإسلام ورسوله الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ منذ زمن طويل لهجوم عنيف من قِبل خصومه وأعدائه، وهؤلاء الأعداء منهم الظاهر المجاهر في عدائه، ومنهم المستتر غير المجاهر، الذي يدسُّ السمَّ في العسل. وقد وجدنا بعض الأقلام الحاقدة، من ذوي الأفكار المشوهة، قد اهتمت بإثارة الشبهات وتدوين التشكيكات، ضمن حالة من الاستنفار العام للهجوم على الإسلام وأهله.
ولا يزال مسلسل التربص بالإسلام ورجاله مستمرًا؛ في مخطط يستهدف استئصال دين الإسلام واجتثاث أصوله، وتقويض بنيانه، وذلك بمحاولة التشكيك في الدين والألوهية، ومحاولة التشكيك في الرسالة، ومحاولة التشكيك في النبوة وعالمية الدعوة الإسلامية، محاولة اختراق السيرة النبوية، وإخضاع حياة النبي لعلوم التربية والسيكولوجيا، في محاولة للنيل منها، والطعن فيها، والافتراء على التاريخ الإسلامي جملة، والبحث عما ظنوه ثغرات وتناقضات في محاولة؛ لتشويهه ومحاولة تفسيره بمنظور بشري عاجز؛ رغبةً منهم في إطفاء نور القوة والحق فيه. فالدين الإسلامي بحق هو الدين، الذي لا يهاب العلم وحقائقه، بل ويدعو كل عاقل أن يتفكر ويتأمل ويستجمع كل قواه الذهنية؛ ليميز الخبيث من الجيد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق